كتب أحمد عبده أن الصين لم تعترف بعد بالحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، رغم مرور تسعة أشهر على سقوط بشار الأسد. وأوضح أن بكين، التي صنفت شريكًا استراتيجيًا للنظام السابق، تخشى من تصاعد نفوذ المقاتلين الأويغور داخل هياكل الأمن والدفاع السورية.

ذكر تشاتام هآوس أن بكين تواصلت مع الحكومة عبر سفيرها في دمشق، لكنها تتعامل بتحفظ وقد تعرقل أي تحركات لرفع العقوبات الأممية المفروضة على الشرع ومسؤولين آخرين. في المقابل، يعتمد الشرع على هؤلاء المقاتلين كجزء أساسي من قاعدته العسكرية وسط استمرار التوترات مع فصائل أخرى. ويأتي هذا المأزق في شهر حاسم قبيل الانتخابات المقررة منتصف سبتمبر، وخطاب الشرع الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أوضح التقرير أن السياسة الصينية تجاه سوريا تنبع أساسًا من مخاوف أمنية لا من مصالح اقتصادية. فقد أثارت تعيينات مقاتلي "الحزب الإسلامي التركستاني"، وهم من الأويغور القادمين من شينجيانج، قلقًا بالغًا في بكين. وتشير التقديرات إلى أن نحو 3500 مقاتل اندمجوا في فرقة جديدة بالجيش السوري تحمل اسم "الفرقة 84"، وأن قائد الحزب في سوريا عُيّن برتبة عميد.

ذكّر التقرير بتصريحات المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونج، الذي حذّر مرارًا مجلس الأمن هذا العام من نشاط "المقاتلين الإرهابيين الأجانب" في سوريا، وربطهم مباشرة بالعنف في الساحل في مارس وبأحداث السويداء في يوليو.

اعتبر التقرير أن هذه المخاوف تعكس رؤية تشاؤمية لمستقبل سوريا. فالصين تخشى أن يوجه الأويغور سلاحهم يومًا ما نحو أراضيها أو مصالحها الخارجية. واستشهد التقرير بمقطع فيديو أصدره الحزب بعد سقوط الأسد، أعلن فيه أن هدفه الرئيس هو "تحرير تركستان الشرقية من الاحتلال الصيني". وربط هذه التهديدات بالجدل المستمر حول وضع الأويغور في شينجيانغ، الذي ترفض بكين أي اتهامات بشأنه.

أضاف التقرير أن الصين تتوجس أيضًا من تهديد محتمل لمصالحها الاقتصادية في الشرق الأوسط، شبيه بالهجمات التي استهدفت شركاتها في باكستان. فقد تصبح استثمارات مبادرة "الحزام والطريق" وإمدادات الطاقة من العراق هدفًا مباشرًا، خصوصًا أن الصين تستورد نحو 35% من إنتاج العراق النفطي وتشكل شركاتها أكبر المستثمرين الأجانب في قطاع الطاقة هناك.

أوضح التقرير أن بكين تنتهج مقاربة مزدوجة تجاه سوريا: الحفاظ على قنوات الاتصال الثنائية عبر السفير، مقابل موقف فاتر في مجلس الأمن يمنحها ورقة ضغط إضافية. ورأى أن هذا النهج لا يشبه تعامل الصين مع طالبان بقدر ما يذكّر بسياستها تجاه إسرائيل؛ إذ تجمع بين تطوير العلاقات الثنائية وممارسة الضغط العلني داخل الأمم المتحدة.

رجّح التقرير أن الصين ستواصل الحذر ولن تسعى إلى نفوذ واسع في سوريا، لأنها لم تعتبرها يومًا ركيزة أساسية في مشروع "الحزام والطريق" ولا ساحة مربحة لمنافسة واشنطن. لذلك تبقى استراتيجيتها أقرب إلى "إدارة المخاطر" لا إلى مشروع نفوذ متكامل.

أشار التقرير إلى أن العقوبات الأممية المفروضة على الشرع و"هيئة تحرير الشام" تندرج تحت قائمة 1267 الخاصة بتنظيم القاعدة وداعش، وتشمل تجميد أصول وحظر سفر وحظر توريد السلاح. ورغم سماح المجلس للشرع بالسفر إلى السعودية وتركيا، فإنه سيخضع للقيود خلال مشاركته المرتقبة في الجمعية العامة بنيويورك.

أكد فو كونج في يونيو أن على مجلس الأمن الإبقاء على العقوبات وتنفيذها بصرامة، وهو ما يعزز قدرة الصين على تعطيل أي مساعٍ لرفعها. وبناءً عليه، من المرجح أن تمتنع بكين عن الدخول في مشاريع إعادة إعمار كبرى أو استثمارات بنية تحتية، وقد تمارس ضغوطًا على دمشق عبر قنواتها مع تركيا ودول الخليج.

خلص التقرير إلى أن الصين ستبقى في موقع المراقب الحذر، متجنبة أي التزام عميق، ومتمسكة بنهج يوازن بين التواصل مع النظام الجديد وتقييد الدعم، في انتظار ما إذا كان الشرع سيستجيب لمخاوفها المتعلقة بالمقاتلين الأويغور.

 https://www.chathamhouse.org/2025/09/why-china-hesitant-support-syrias-new-government-al-sharaa-faces-crucial-month